Thursday 21 March 2013

Have the Syria equation changed after usig the chemical

هل تغيرت المعادلة السورية بعد الكيماوي؟



‏الخميس‏، 21‏ آذار‏، 2013

أوقات الشام

أمين حطيط

فوجئ البعض من لجوء الجماعات المسلحة الارهابية المتحركة على الارض السورية الى استعمال السلاح الكيماوي ، كما ان البعض استهجن لردة الفعل الغربية جراء هذا الامر ، خاصة لجهة محاولة التمييع من جهة او تحريف الحقائق و استثمار معطيات محرفة من جهة اخرى للتصعيد ضد سورية بما يترافق مع تعيين كردي اميركي رئيسا لما اسمي حكومة المعارضة السورية ، و وضعاً للامور في نصابها نقارب الموضوع من جوانبه الاساسية التي لا بد من طرقها بحثا عن الحقيقة و اظهارها و تحديد الموقع الفعلي بعد التصعيد .

و من الطبيعي ان نبدأ بالتأكيد على تحديد المستخدم للسلاح الكيماوي ، و هنا لا يجد الباحث الموضوعي كبير جهد في تحديد الجهة التي اطلقت الصاروخ هذا على خان العسل قرب حلب ، حيث ان البقعة المقصوفة هي تحت السيطرة التامة للجيش العربي السوري و يقطنها مواطنون اظهروا كبير تمسكهم بالدولة و بالحكومة الشرعية القائمة و رفضهم للمسلحين الغرباء كما و رفضهم لمن ضللوا و رفعوا السلاح بوجه دولتهم ، هذا من جهة و من جهة اخرى جاء القصف في لحظة حرجة ظهر فيها عجز المسلحين بالقدرات التي يملكونها عن احداث تغيير في الميدان لصالحهم يكسبهم سيطرة على منطقة يغلقونها بوجه الدولة و ينازعونها الشرعية في حكمها ، اضف الى ذلك الازمة التي تعيشها ما يسمى المعارضات السورية المتنازعة و المشتتة بين داخل و خارج و التي لا يجمعها الا فكرة العداء للنظام ثم تفرقها شهوة السلطة .

كل هذا يقودنا الى القطع بان الجماعات المسلحة لجأت و بقرار من قيادة العدوان و تسهيل و تواطؤ من المثلث الاقليمي و الثنائي الاروبي التنفيذي لجأت الى القصف الكيماوي رغبة منها في تحقيق ما يلي :

1) تخطي الازمة البنوية و العجز الميداني الذي تعانيه ما توصف بالمعارضة ، و ادخال سلاح جديد في المعركة من اجل تحقيق التوازن الذي تحلم به جبهة العدوان و الذي روج له وزير خارجية فرنسا فابيوس بالقول "ان تسليح فرنسا للمعالرضة هو بقصد منحها القوة التي تقيم التوازن و تدفع لحل السلمي" . و نحن نعرف وفقا لقواعد العلم العسكري و الاستراتيجي بان الخصم في الميدان اذا وقف على عجزه عن تحقيق الهدف فانه يلجأ الى احد امرين او الامرين معا / اما ان يطلب التعزيز بالقوى او ان يزج في الميدان سلاح جديد ، و بالعودة الى واقع المسلحين فاننا نشهد عجزهم عن فرض السيطرة على الحالة العامة رغم تعزيز قدراتهم بالقوى البشرية التي وصلت في عديدها الى 135 الف مسلح ثم انخفضت الى 65 الف مسلح تحت ضربات الجيش العربي السوري و متغيرات البيئة العامة لذلك لم يتبق لهؤلاء الا ان يستعملوا السلاح الكيماوي رغبة في تحقيق التوازن المفقود . ان المسلحين المأزومين سياسيا و ميدانيا حاولو تفجير ازمتهم بصاروخ كيماوي يخرجهم منها .

2) رغبة تركية اطلسية في ارسال رسالة جدية و حادة الى سورية بان التهديدات السابقة بتسليح المعارضة و تدريبها على استعمال اسلحة نوعية فتاكة انما هو فرار جدي و على الحكومة السورية – برأيهم – ان تأخذه بالاعتبار و ان تعيد حسباتها كما صرح اكثر من مسؤول غربي في هذا الصدد . و الحسابات المفصودة هنا تتعلق بتمسك الحكومة السورية و الرئيس الاسد بالقرار الشعبي و الانصياع له و حده و رفض الاملاءات الخارجية مهما كان مصدرها وهي تهدف الى تعيين الحكام مع تجاوز صناديق الاقتراع . و قد جاء تعيين اميركي من اصول كردية سورية رئيسا لحكومة مدعاة ، بمثابة النموذج الذي يريد الغرب فرضه على السوريين ، و هو مرفوض طبعاً من قبل الشعب السوري و من قبل قيادته الوطنية و القومية العربية . لذلك جاء الصاروخ الكيماوي بقصد الترهيب و الضغط و التهويل على القيادة السورية حتى تتراجع عن ثوابتها في فهم الحكم و اختيار الحكام و اتخاذ القرار المستقل .

3) حاجة اميركية لاختبار الواقع الحالي للقيادة السورية خاصة في تماسكها و رباطة جأشها ثم استدراجها الى مبادلة الفعل الاجرامي الذي ارتكبته الجماعات المسلحة بالمثل و اللجوء الى السلاح الكيماوي – هذا اذا فشلت في الصاق الجريمة اصلا بالنظام - و عندها يكون لاميركا المبرر الكافيكما صرحت سابقا- للتدخل عسكريا في الازمة تحت غطاء من الهيئات الدولية او الاقليمية من اجل اسقاط النظام الذي صمد حتى الان و هو قادر على الاستمرار و الثبات رغم كثافة العدوان و حجم المعتدين ، صمود جعل دولة كروسيا تقول بان بوضوح "سقوطه مستحيل" .

ان القرار باستعال غاز السارين هو قرار اميركي و طأت له اميركا منذ شهرين ( راجع التقرير الذي وزعته شبكة س ن ن في مطلع السنة تحت عنوان ما هو غاز السارين و لماذا قد تستخدمه دمشق) و رغبت جبهة العدوان من اللجوء اليه تحقيق ما تقدم لكن احلامها– كما يبدو – ذهبت كغيرها ادراج الرياح فكانت ردة الفعل السورية على الصعد العسكرية و السياسية و الاعلامية متماسكة و واثقة بالنفس و بقدراتها ما جعل الخطة الغربية تفشل في تحقيق الاهداف الاساسية منها ، لكن الفعل الاجرامي لم يذهب دون نتائج و تداعيات ، حيث ان دماء الشهداء الذين اختنقوا اثر هذه الجريمة و معهم المصابين بغاز السارين ( SAREN) الذي نتج عن الصاروخ الكيماوي المسبب للاختناق و التأثير على الاعصاب كان لها من المفاعيل ما دفع الامور في اتجاه معاكس للرغبات الاميركية حيث اننا نسجل في هذا المضمار :

1) ادانة دولية شاملة و عامة احرجت اميركا و الغرب و اظهرت بشكل خاص النفاق الاميركي في المسألة فبعد ان ادعت اميركا انها لا تملك الدليل على استعمال السلاح هذا ، عادت و زعمت انها لا تعرف الجهة التي استعملته اضطرت للهروب الى الامام للقول بانها لن تقبل ان يستعمل النظام السلاح الكيماوي ، و اذ بها تعترف ضمنا و بشكل مباشر انها تقبل و تشجع لا بل تأمر الجماعات المسلحة باستعمال هذا السلاح . نقول احرجت اميركا رغم يقيننا ان اميركا تتحرك متفلتة من اي قيد قانوني او اخلاقي او انساني لكن هذا الموقف الذي وضعت فيه الان معطوفا على البئية الدولية القائمة الان من شأنه ان يعطل المسعى الاميركي للتذرع بالسلاح الكيماوي لدفع المجتمع الدولي للتدخل عسكريا في سورية .

2) فضيحة لما يسملى معارضة سورية و احراج لها زاد من تشتتها و تنافرها خاصة و ان ضحايا الجريمة هم في معظمهم من الاطفال و النساء و قد كان بليغا كلام تلك الطفلة السورية المصابة بالغاز السام و هي تقول " هذه هي حريتهم ؟ الله لا يوفقهم "؟

3) و لن نعتني بمواقف الاعراب القابعين في حظيرة النعاج حيث يلتقون تحت اسم " جامعة دول عربية" ، فهم لم يتخذوا مواقف اصلا بل كان سكوتهم هو الموقف الذي يعني قبولهم و اشتراكهم بالجريمة المنكرة و المدانة على لسان كل عاقل و شريف و طبعا هذا لا يتوفر في قاموسهم .

ان لجوء الجبهة المعتدية على سورية و بالقيادة الاميركية ، الى السلاح االكيماوي و رغم انه مثل تصعيدا مهما في الازمة و مجرياتها الا انه عجز عن احداث خرق في الميدان العسكري و لم يحقق شيئا من التوازن الذي تستميت اميركا لتحقيقه قبل الجلوس الى طاولة التفاوض و افقد اميركا اوراق اضافية لن يعوضها تعين كردي اميركي مفوضا ساميا او حاكما لسورية برتبة "رئيس حكومة مؤقتة "، و نرى ان التصعيد على المستوى الميداني بالكيماوي و على المستوى السياسي بتعيين اميركي رئيس حكومة مزعومة لسورية لن يحقق شيئا من المتوخى منه و لم يغير في جوهر المعادلة القائمة لمصلحة الدولة السورية و شرعيتها .
River to Sea Uprooted Palestinian  
The views expressed in this article are the sole responsibility of the author and do not necessarily reflect those of this Blog!

No comments: